طـرائـف عـربـيـة مـن تايلند
بفعل الفوارق الحضارية والثقافية بين عالمين مختلفين تمام الاختلاف تشهد تايلند دائما مواقف وطرائف مضحكة ، يكون مردُّها في معظم الوقت إلى "نزقة" العربي من درجة الانفتاح الكبيرة التي تعيشها تايلند في مقابل التضييق والكبت والقهر الذي يعيشه العربي في مجتمعه.
ولقد شهدتُ بنفسي حادثتين طريفتين تستحقان الذكر لما فيهما من تَمَاسٍّ مباشر بموضوع هذه المدونة.
الأولى كانت في العام 2006م حين كنتُ أمضي فترة الظهيرة بمقهى فندق جريس ببانكوك، عندما لمحتُ شابا عربيا صغيرا لا يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، رأيته حزينا مهموما، يحبس في عينيه دمعته، سلمتُ عليه وسألته عن حاله عارضا عليه المساعدة، وقد ظننتُ أنه ربما سُرق ماله أو تعرَّضَ لاعتداء أو ما شابَهَ من أمور تعترض المسافر الغِرَّ أحيانا؛ فأجابني بالنفي وأنه على ما يرام ولكن المشكلة مع والده. فسألتُه مرة أخرى: وهل والدك مريض أو به بأس، فإن كان كذلك فأنا مستعد لمرافقتكما إلى أفضل المستشفيات في بانكوك. فأجاب بالنفي مرة أخرى وأكد أن أباه في أحسن حال.قلت: إذن أين المشكلة ولمَ كل هذا الحزن؟.
فأخبرني الفتى بحكايته، وها أنا ذا أنقلها لكم كما رواها لي تماما.
-: نحن من السعودية ووالدي رجل ميسور الحال ولكنه قليل السفر والتنقل، إلى أن أخبرنا قبل حوالي ثلاثة أشهر برغبته في السفر إلى تايلند لإجراء بعض الفحوصات ولمدة أسبوعين أو ثلاثة على أبعد تقدير؛ ولكنه اختفى تماما ولم نسمع منه خبرا من حينها، وبعد مضي ثلاثة أشهر من القلق والحيرة أمرتني الوالدة بالسفر بحثا عنه، فقلت لها: وأين أبحث عنه وأنا لا أعرف له عنوانا!. فقالت لي: اسأل العرب الذين يسافرون إلى هناك فلا بد أن تجد له أثرا.
وبالفعل؛ كل من سألتُهم أفادوا بأن معظم العرب مَنْصَاهُمْ في فندق جريس أو حواليه. وصلتُ إلى فندق جريس وسألتُ عنه في الاستقبال لأفاجأ بأنه نازل بالفندق منذ ثلاثة أشهر، شكرتُ ربي كثيرا لأنني لم أتوقع أن أجده بهذه السهولة.
طرقتُ باب الغرفة ليفتح لي أبي وهو بأحسن حال، وبعد السَّلام والتحية سألني: ما الذي جاء بك يا ولد؟. فقلت له: بعثتني الوالدة لأبحث عنك فقد طالت غيبتك كثيرا دون خبر عنك. فَرَدَّ علي قائلا: اسمع يا ولد أنا متزوجٌ من أمك منذ أكثر من أربعين عاما وطوال هذه السنين لم أعلم أن قضيبَ الرجل يمكن أن يُمصّ إلى أن وصلتُ إلى هذه البلاد. عُدْ إلى أمك وأنا باقٍ هنا.
لوسي |
الثانية حدثت هذا العام مع زميل لي بالعمل من نزوى، والذي أحبَّ أن يُرفِّه عن والده العجوز قليلا، فأخذه إلى بانكوك لإجراء فحوصات وتغيير الجو. وبعد مضي أسبوعين جاء الولدُ فرحا إلى والده يبشره بأن السَّفرَ إلى عمان تأكد صباح الغد. ليُفاجأ بردة فعل والده –غير المتوقعة- الذي استشاط غضبا وصاح في وجهه: ومن أخبرك بأنني أرغب في العودة، عُدْ بنفسك وَبِعْ الضاحيةَ، وابعث لي بالمال فورا، ولا تنسَ أن تُخبرَ أمك بأنها طالقٌ بالثلاث.
هناك –بلا شك- العديد من المواقف، فإن كان لدى أحد من القراء الكرام شيء من الطرائف العربية التايلندية فلا يبخل بها علينا.